languageFrançais

المالوف يُضيء سماء بنزرت في ليلة عيد الجمهورية

أحيا الفنان زياد غرسة ليلة أمس سهرة بعنوان «فرحة»، مزج فيها بين بهجة الفن الأصيل ورمزية عيد الجمهورية التونسية في ذكراها الثامنة والستين، ليهدي الجمهور لحظات من الطرب الرفيع والاحتفاء بالهوية على ركح مهرجان بنزرت الدولي في دورته الثانية والأربعين.

سفر في عالم  المالوف

افتتح زياد غرسة السهرة بباقة من معزوفات المالوف التونسي، ذاك الفن الذي يعتبره «المعقل الأصيل» للموسيقى التونسية. تنقّل بين المقامات والأنغام الأصيلة، ثم انتقل بسلاسة إلى أغانيه الخاصة التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب مثل: «ترهويجة»، «علاش تحيّر فيا»، و«روح من السوق عمّار»، فاهتز المسرح مع كل لحن، وترددت الأصداء في قلوب الحاضرين الذين تغنّوا معه بكل شغف.

الجمهور يتحدى الطّقس

لم تمنع تقلبات الطقس ولا زخات المطر الخفيفة الجمهور من التفاعل مع زياد غرسة؛ بل أضافت قطرات المطر لمسة عفوية ساحرة على الأمسية. بين الزغاريد والرقصات، والتصفيق الذي رافق كل جملة موسيقية، تحوّلت السهرة إلى لوحة تونسية نابضة بالحياة.

أجيال على الركح

السهرة حملت بعدًا عائليًا خاصًا بظهور رؤوف غرسة، ابن الفنان زياد غرسة، الذي أضفى حضورًا شبابيًا على الركح. زياد شدّد على أن الفن ليس «إرثًا جاهزًا»، قائلاً: «إذا لم يكن موهوبًا فلن أشجّعه، ما زلت أُحضّره ليحمل المشعل مثلما أخذته عن والدي الموسيقار الطاهر غرسة».

كان هذا الموقف رسالة إنسانية للجمهور: أن الفن مسؤولية قبل أن يكون مجرّد لقب عائلي، وأن استمرار المالوف مرهون بالجد والاجتهاد لا بالوراثة وحدها.

صوت شبابي صاعد

أدّى المطرب الشاب ضياء مقنين أغنية «المقياس»، بدعم من أستاذه زياد غرسة. صوته الصادق وحضوره البسيط منحت السهرة نفسًا جديدًا ممزوجًا بالأصالة. و قد عبّر ضياء عن امتنانه لهذه الفرصة قائلاً إنها ستبقى « راسخة في مسيرته الفنية».

من جانبه، منح زياد  غرسة شهادة ثقة لتلميذه قائلاً: «سيصبح أحد روّاد المالوف»، في إشارة واضحة إلى أن هذا الفن يتجدّد بأبنائه الأوفياء.

"فرحة"... عنوان يتجاوز السهرة

وفي تصريحاته، اختصر زياد غرسة روح الحفل بكلمات صادقة: «فرحان بأولادي موجودين معايا، وفرحة بالأغنية التونسية خاصة في المناسبات الوطنية. هذا جني عمل سنوات».

الحفل لم يكن مجرّد أمسية موسيقية، بل احتفال بالهوية وذاكرة وطنية حيّة. ليلة أكّدت أن المالوف ليس تراثًا مُعلّقًا على جدار التاريخ، بل حملت بصمة خاصّة في  الذاكرة الجماعية التونسية .

 

ليندا بلحاج